يخسر قضاياه, مهما كانت عادلة, من يلجأ إلي الصياح والاتهام والاغتيال وإلي ردود الأفعال المتطرفة. ونحن أصحاب قضية لها حيثيات قوة وأرضية صلبة, وأصحاب حضارة أضاءت للإنسانية طريقها, وكان لها فضل ضخم علي أوروبا في عصر النهضة الذي أوصل الغرب إلي ما هو فيه الآن من تقدم وازدهار.وبغض النظر عن العمليات الإرهابية التي يتشدق منفذوها بالإسلام, والإسلام بريء منهم, فإن هناك عشرات من المواقف كان من الممكن أن تحسب مكاسبها لنا وليس علينا لو أظهرنا للعالم الوجه السمح لديننا. لكننا فشلنا في معظم الأحيان وفضلنا علي صوت العقل أساليب الصراخ والهتاف وحرق الأعلام, بل ذهبنا إلي أبعد من ذلك حين لجأنا إلي إصدار فتاوي بإهدار الدم, بل وإلي الاغتيال الفعلي سواء ضد الآخرين أو بين فصائلنا.وإذا كان للغرب قوائم سوداء منذ محاكم التفتيش حتي سجن أبي غريب وجوانتانامو فإن لدينا نحن أيضا قائمة سوداء كانت أبرز صفحاتها في الأعوام الثلاثين الماضية كما يلي:في عام1975 تعرض عمر بن جلون زعيم الاتحاد الاشتراكي للقوي الشعبية ورئيس تحرير جريدة المحرر الجزائرية للاغتيال علي يد جماعة تطلق علي نفسها' الشباب الإسلامي'في1977 تم اغتيال رئيس جامعة دمشق داخل الجامعة علي يد متطرفين ارتدوا عباءة الدين.1985 تم إعدام الكاتب السوداني محمد محمود طه في الخرطوم, وهو في الثمانين من عمره تحت حكم النميري لاتهامه بكتابة ما يناقض الشريعة.1987 في داخل حرم جامعة أصفهان تم حرق80 ألف كتاب اعتبرها حكام طهران آنذاك منافية لتعاليم الإسلام ومعظمها كتب أدبية.1988 أصدر الخميني فتوي بإهدار دم الكاتب البريطاني سلمان رشدي لإصداره كتابا بعنوان آيات شيطانية' يفتري فيه علي الإسلام. وقد رصدت جائزة قيمتها ثلاثة ملايين دولار لمن يقتله إن كان إيرانيا ومليون دولار إن كان غير إيراني. وقد اضطر الكاتب إلي الاختفاء عن الأنظار حتي الآن. لكن فتوي الخميني فتحت الباب لفتاوي أخري ضد كتاب مفكرين.والواقع أن هذا الكتاب السخيف لا يستحق إطلاقا كل هذه الضجة التي جعلت ملايين الناس في العالم تسعي لقراءته وصنعت من مؤلفه المغمور آنذاك نجما عالميا ومليونيرا من دخل بيع الكتاب.1989 أدت المظاهرات العنيفة ضد الكتاب إلي مصرع العشرات في أعمال العنف وخاصة بمدينة بومباي الهندية.1991 تعرض الناشر الإيطالي لكتاب' آيات شيطانية' للاغتيال في ميلانو وتلاه اغتيال الناشر الياباني في طوكيو في نفس العام.1992 في8 يونيو تم اغتيال الكاتب المصري فرج فودة وقد أعلنت الجماعة الإسلامية عن مسئوليتها عن قتله.1993 مصرع عشرات الكتاب والمفكرين الجزائريين برصاص المتطرفين في إطار موجة العنف التي اجتاحت البلاد بعد إلغاء الانتخابات التشريعية التي جاءت بأغلبية من التيارات الإسلامية.في نفس العام أصدرت جماعة تتشدق باسم الإسلام فتوي ضد الكاتبة تسليمة نسرين في بنجلاديش لاتهامها بمعاداة الدين الإسلامي وتم حرق كتبها في معرض الكتاب ببلادها. وقد اضطرت لمغادرة بنجلاديش وتعيش حاليا في أوروبا.1994 في14 أكتوبر طعن شاب الكاتب الكبير نجيب محفوظ صاحب جائزة نوبل في الأدب, وكان عمره وقتها82 عاما. وأكد الشاب في التحقيق أنه لم يقرأ كتب نجيب محفوظ لكنهم أكدوا له أنه كافر.1995 أصدرت محكمة ابتدائية حكما بتطليق الكاتب نصر حامد أبو زيد من زوجته بصفته مرتدا, في حين أن زوجته معلومة الإسلام. وقد رفضت الزوجة الطلاق فهاجر الاثنان إلي هولندا, حيث يقيمان حتي الآن.في نفس العام اغتيل الكاتب الإيراني أحمد ميرلاي في بلاده علي يد متطرفين قاموا بإصدار فتوي بتكفيره.1998 اغتيال مجموعة من الصحفيين والكتاب وأساتذة الجامعات في إيران من بينهم يروز دفاني وماجد شريف ومحمد مختاري بسبب كتاباتهم التي اعتبرها المتطرفون مسيئة للإسلام.2000 صدور فتوي في الجزائر بتكفير المخرج محمود زموري وإهدار دمه.2003 اغتيال الصحفية الإيرانية زهرة كاظمي لاعتبارها مارقة.2004 اغتيال الشاعر والموسيقار الإيراني أحمد بيات مختاري في مدينة شيراز لاتهامه بالكفر.في2 نوفمبر من نفس العام تعرض المخرج الهولندي تيو فان جوخ محاولة قتل وهو من أسرة الرسام العالمي الشهير فان جوخ للقتل في أمستردام بسبب إخراجه فيلم' خضوع' عن أحوال المرأة العربية.في سبتمبر2006 سقطت راهبة مسيحية إيطالية بالصومال برصاص المتطرفين احتجاجا منهم علي محاضرة بابا الفاتيكان عن الإسلام والتي أثارت غضب المسلمين, وتشرفت بكتابة مقال في نفس هذا المكان يفند ما جاء بها بالحجة والمنطق. وللأمانة فقد كانت ردود الأفعال عاقلة بصفة عامة ورد شيخ الأزهر علي افتراءات البابا في عدة مناسبات.لكن قتل الراهبة أفسد كل شيء.وفي النهاية, فلننظر إلي أنفسنا في المرآة ونكف عن ردود الأفعال العصبية والعنيفة. فنحن لسنا في دار الحرب ولم تعد الأمور تحتمل إشعال فتيل الكراهية والدمار حتي وإن فعل غيرنا ذلك.. فهذا الدمار سيلحق بنا قبل أن يحيق بالغير
هذه المقالة للاستاذ شريف الشوباشي نقلا عن جريدة الأهرام
4 comments:
اولا حمد لله علي السلامة بعد غياب كتير
مع اني مش باتفق مع شوباشي في افكارة بس غالبا بتعجبني نبرة الهدوء والتجريد والعقلانية في كلامة
كتاب آيات شيطانية فعلا ده رأيي فيه لو اتناقش واتفندت افتراءاتة مكانش كل ده حصل مكانش اصلا الكتاب اخد الشهرة وهاله النضال دي والاغرب ان اغلب اللي ناقشوة اساسا ماقرأوش الكتاب ..نفس الكلام في محاضرة بابا الفاتيكان
بدل مطالبه الاعتذار بهدوء بدأت حملة مضادة طالت اصول الرجل الالمانية
اتقال بالحرف من كاتب محترم..اننا قد سكتنا عن اصولة النازية!!!!قس ونازي؟
وانصرفوا لمآسي الحروب الصليبية وتعسف الكنيسة في العصور الوسطي..ومن غير ولا حرف عن الاسلام ذاتة
المشكلة اننا غالبا اصحاب حق ..يمكن لاننا اساسا لا نحاول ان نناقش الاخر فلا نبحث عن اخطاؤة هو موجود وكفي
اما الاخر فيبحث ويبحث ويجرنا لمناقشة ونحن اسوأ من يناقش للاسف
انت بتركن فين كده ؟؟
طولت الغيبة
اختيار موفق لمقالة جميلة تحوى معانى عقلانية جدا
لسبب واحد اننا دائما ما ننصرف عن القضايا الرئيسية لموضوعات فرعية تخرجنا عن صواب النقاش
ولكنى لا أنكر أننى دائما ما تحملنى عواطفى على الهجوم على المسيئين
تحياتى
صديقى العزيز
انا جاى بس علشان اقول انك بتوحشنى وبتغيب كتير قوى ما بين التدوينة واللى بعدها ـ واسعدتنى زيارتك الاخيرة وياريت نشوفك دايما حتى لو مكتبتش حاجة ـ تحياتى
احييك علي اختيارك الرائع
Post a Comment